فصل: الشاهد الثاني والتسعون بعد الثلاثمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.استيلاء دقاق على الرحبة.

كانت الرحبة بيد كربوقا صاحب الموصل فلما قتل كما مر في خبره استولى عليها قانمار من موالي السلطان البارسلان فسار دقاق بن تتش ملك دمشق وأتابكه طغركين إليها سنة خمس وتسعين وحاصروها فامتنعت عليهم فعادوا عنها وتوفى قانمار صاحبها في صفر سنة ست وتسعين وقام بأمرها حسن من موالي الاتراك فطمع في الاستبداد وقتل جماعة من أعيان البلد وحبس آخرين واستخدم جماعة من الجند وطرد آخرين وخطب لنفسه فسار دقاق إليه وحاصره في القلعة حتى استأمن وخرج إليه وأقطعه بالشام اقطاعات كثيرة وملك الرحبة وأحسن إلى أهلها وولى عليهم ورجع إلى دمشق والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق لا رب غيره.

.وفاة دقاق وولاية أخيه تلتاش ثم خلعه.

ثم توفي دقاق صاحب دمشق سنة سبع وتسعين واستقل أتابكه طغركين بالملك وخطب لنفسه سنة ثم قطع خطبته وخطب لتلتاش أخي دقاق صبيا مراهقا وخوفته أمه من طغركين بزواجه أم دقاق وأنه يميل إلى دقاق من أجل جدته فاستوحش وفارق دمشق إلى بعلبك في صفر سنة ثمان وتسعين ولحقه ايتكين الحلبي صاحب بصرى وكان ممن حسن له لذلك فعاث في نواحي خوارزم ولحق به أهل الفساد وراسلا هدويل ملك الفرنج فأجابهما بالوعد ولم يوف لهما فسار إلى الرحبة واستولى عليها تلتاش وقيل أن تلتاش لما استوحش منه طغركين من دخول البلد مضى إلى حصون له وأقام بها ونصب طغركين الطفل ابن دقاق وخطب له واستبد عليه وأحسن إلى الناس واستقام أمره والله تعالى ولي التوفيق وهو نعم الرفيق.

.الحرب بين طغركين والفرنج أشهرا.

كان قمص من قمامصة الفرنج على مرحلتين من دمشق فلج بالغارات على دمشق فجمع طغركين العساكر وسار إليه وجاء معرون ملك القدس وعكا من الفرنج بانجاد القمص فأظهر الغنية عليه وعاد إلى عكا وقاتل طغركين القمص فهزمه وأحجزه بحصنه ثم حاصره حتى ملك الحصن عنوة وقتل أهله وأسر جماعته وعاد إلى دمشق ظافرا غانما ثم سار إلى حصن رمسة من حصون الشام وقد ملكه الفرنج وبه ابن أخت سميل المقيم على طرابلس يحاصرها فحاصر طغركين حصن رمسة حتى ملكه وقتل أهله من الفرنج وخربه والله أعلم.

.مسير رضوان صاحب حلب لحصار نصيبين.

ثم إن رضوان صاحب حلب اعتزم غزو الفرنج واستدعى الأمراء من النواحي لذلك فجاءه أبو الغازي بن ارتق الذي كان شحنة ببغداد وأصبهان والبي بن ارسلان ماش صاحب سنجار وهو صهر جكرمش صاحب الموصل وأشار أبو الغازي بالمسير إلى بلاد جكرمش للاستكثار بعسكرها وأموالها ووافقه البي وساروا إلى نصيبين في رمضان سنة تسع وتسعين وأربعمائة فحاصروهما وفيها أميران من قبل جكرمش واشتد الحصار وجرح البي بن ارسلان بسهم أصابه فعاد إلى سنجار وأجفل أهل السواد إلى الموصل وعسكر جكرمش بظاهرها معتزما على الحرب ثم كاتب أعيان العسكر وحثهم على رضوان وأمر أصحابه بنصيبين باظهار طاعته وطلب الصلح معه وبعث إلى رضوان بذلك والامداد بما يشاؤه على أن يقبض على أبي الغازي فمال إلى ذلك واستدعى أبا الغازي أن المصلحة في صلح جكرمش ليستعينوا به في غزو الفرنج وجمع شمل المسلمين فجاوبه أبو الغازي بالمنع من ذلك ثم قبض عليه وقيده فانتقض التركمان ولجؤا إلى سور المدينة وقاتلوا رضوان وبعث رضوان بأبي الغازي إلى نصيبين فخرجت منها العساكر لامداده فافترق منها التركمان ونهبوا ما قدروا عليه ورحل رضوان من وقته إلى حلب وانتهى الخبر إلى جكرمش بتل أعفر وهو قاصد حرب القوم فرحل عند ذلك إلى سنجار وبعث إليه رضوان في الوفاء بما وعده من النجدة فلم يف له ونازل صهره البي بن ارسلان بسنجار وهو جريح من السهم الذي أصابه على نصيبين فخرج إليه البي محمولا واعتذر إليه فأعتبه وأعاده إلى بلده فمات وامتنع أصحابه بسنجار رمضان وشوالا ثم خرج إليه عم البي وصالح وجكرمش وعاد إلى الموصل والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق بمنه.